خادم المسيح مشرف (ة)
الجنس : عدد المساهمات : 24257 التقييم : 4957 تاريخ التسجيل : 11/08/2012 البلد التي انتمي اليها : العراق
| موضوع: ☼ من قصص التّراث الشعبي العراقي ... ! ☼ الخميس أكتوبر 31, 2013 10:02 pm | |
| { قصة مداس - حذاء - أبي القاسم الطنبوري } ! كان في بغداد رجل اسمه أبو القاسم الطنبوري ، وكان له مداس ، وهو يلبسه سبع سنين ، وكان كلما تقطع منه موضع جعل مكانه رقعة إلى أن صار في غاية الثقل ، وصار الناس يضربون به المثل . فاتفق أنه دخل يوماً سوق الزجاج ، فقال له سمسار: يا أبا ؛ قد قدم إلينا اليوم تاجر من حلب ، ومعه حمل زجاج مذهّب قد كسد ، فاشتريته منه ، وأنا أبيعه لك بعد هذه المدة ؛ فتكسب به المثل مثلين ! فمضى واشتراه بستين ديناراً . ثم إنه دخل إلى سوق العطارين ؛ فصادفه سمسار آخر ، وقال له : يا أبا القاسم ؛ قد قدم إلينا اليوم من نصيبين تاجر ، ومعه ماء ورد ، ولعجلة سفره ، يمكن أن تشتريه منه رخيصا ، وأنا أبيعه لك فيما بعد،بأقرب مدة ؛ فتكسب به المثل مثلين ! فمضى أبو القاسم ، واشتراه أيضا بستين ديناراً أخرى ، وملأ به الزجاج المذهب وحمله ، وجاء به فوضعه على رف من رفوف بيته في الصدر ! ثم إن أبا القاسم دخل الحمام يغتسل ؛ فقال له بعض أصدقائه : يا أبا القاسم ؛ أشتهي أن تغير مداسك هذا ! فإنه في غاية الشناعة ! وأنت ذو مال بحمد الله ! فقال له أبو القاسم : الحق معك ؛ فالسمع والطاعة . ثم إنه خرج من الحمام ، ولبس ثيابه ، فرأى بجانب مداسه مداساً آخر جديداً ؛ فظن أن الرجل من كرمه اشتراه له ؛ فلبسه ، ومضى إلى بيته ! وكان ذلك المداس الجديد للقاضي ، وقد جاء في ذلك اليوم إلى الحمام ، ووضع مداسه هناك ، ودخل يستحم ! فلما خرج فتش عن مداسه ؛ فلم يجده ؛ فقال : من لبس حذائي ولم يترك عوضه شيئاً ؟ ففتشوا ؛ فلم يجدوا سوى مداس أبي القاسم! فعرفوه ؛ لأنه كان يضرب به المثل ! فأرسل القاضي خدمه ؛ فكبسوا بيته فوجدوا مداس القاضي عنده ؛ فأحضره القاضي ، وضربه تأديباً له ، وحبسه مدة ، غرّمه بعض المال وأطلقه ! فخرج أبوالقاسم من الحبس ، وأخذ حذاءه ، وهو غضبان ، ومضى إلى دجلة ؛ فألقاه فيها ؛ فغاص في الماء ! فأتى أحـد الصيادين ورمى شبكته ، فطلع فيها ! فلما رآه الصياد عرفه ، وظن أنه وقع منه في دجلة ! فحمله وأتى به بيت أبي القاسم ؛ فلم يجده ! فنظر فرأى نافذة إلى صدر البيت ؛ فرماه منها إلى البيت ؛ فسقط على الرف الذي فيه الزجاج ؛ فوقع ، وتكسر الزجاج وتندد ماء الورد ! فجاء أبو القاسم ونظر إلى ذلك ، فعرف الأمر ؛ فلطم وجهه ، وصاح يبكي وقال : وا فقراه ! أفقرني هذا المداس الملعون ! ثم إنه قام ؛ ليحفر له في الليل حفرة ، ويدفنه فيها ، ويرتاح منه ؛ فسمع الجيران حس الحفر ؛ فظنوا أن أحداً ينقب عليهم ؛ فرفعوا الأمر إلى الحاكم ؛ فأرسل إليه ، وأحضره ، وقال له : كيف تستحل لنفسك ؛ أن تنقب على جيرانك حائطهم ؟ وحبسه ، ولم يطلقه حتى غُرّم بعض المال ! ثم خرج من السجن ومضى وهو حردان من المداس ، وحمله إلى كنيف الخان ، ورماه فيه ؛ فسد قصبة الكنيف [ هي أنبوب المجاري في عصرنا ] ؛ ففاض وضجر الناس من الرائحة الكريهة ! وبحثوا عن السبب ؛ فوجدوا مداساً ؛ فتأملوه ؛ فإذا هو مداس أبي القاسم ! فحملوه إلى الوالي ، وأخبروه بما وقع ؛ فأحضره الوالي ، ووبّخه وحبسه ، وقال له : عليك تصليح الكنيف ! فغرّم جملة مال ، وأخذ منه الوالي مقدار ما غرم ؛ تأديباً له ، وأطلقه ! فخرج أبو القاسم والمداس معه ، وقال - وهو مغتاظ منه : والله ما عدت أفارق هذا المداس ! ثم إنه غسله وجعله على سطح بيته حتى يجف ؛ فرآه كلب ؛ فظنه رمّـة فحمله ، وعبر به إلى سطح آخر؛ فسقط من الكلب على رأس رجل ؛ فآلمه وجرحه جرحاً بليغاً ! فنظروا وفتشوا لمن المداس ؟ فعرفوا أنه لأبي القاسم ! فرفعوا الأمر إلى الحاكم ؛ فألزمه بالعو( تعويض ) ، والقيام بلوازم المجروح مدة مرضه ! فنفذ عند ذلك جميع ما كان له ، ولم يبق عنده شيء ! ثم إن أبا القاسم أخذ المداس ، ومضى به إلى القاضي ، وقال له أريد من مولانا القاضي أن يكتب بيني وبين هذا المداس مبارءة شرعية ؛ على أنه ليس مني ولست منه ! وأن كلا منا بريء من صاحبه ، وأنه مهما يفعله هذا المداس لا أؤاخذ به أنا ! وأخبره بجميع ما جرى عليه منه ! فضحك القاضي منه ؛ ووصله ومضى ! . المصدر / منتدى نور اليقيــــــن . | |
|