فوائد زيت السمك .. حقيقة علمية أم مجرد إشاعة ؟
لكل من يرغب في تناول حبوب زيت السمك من أجل تحسين الصحة العامة ومقاومة الأمراض ،
لعله يقرأ قبل ذلك النشرة التي أصدرتها جمعية المعاهد الوطنية للصحة الأمريكية ، والتي تتحدث
عن مدى صحة فوائد زيت السمك والجدل العلمي حولها . في حقيقة الأمر ،
يدعم موقع جمعية المعاهد الوطنية للصحة في الولايات المتحدة على الإنترنت تناول مكملات زيت السمك ،
مضيفاً أنها تقلل من خطر الإصابة بأمراض القلب ، لما تحتويه من الأحماض الدهنية المفيدة والمسماة
" أوميغا 3 " ، هذا وينفق الأمريكيون ، بحسب صحيفة الاندبندنت البريطانية ، نحو 1.2 مليار دولار
سنوياً على أقراص زيت السمك أو المكملات المشتقة منه ، رغم أن معظم الأبحاث الطبية المنشورة
مؤخراً في هذا المجال لا تشير إلى وجود أدلة تدعم تأثير زيت السمك الإيجابي على الصحة .
وطبقاً لمراجعة أجريت على الدراسات المنشورة العام الماضي في مجلة جمعية الأطباء الأمريكيين ،
فإن " المكملات منقوصة النجاعة في ما يتعلق بالعديد من النتائج الصحية " .
وبالرغم من أن زيت السمك شائع لدى الكثير من الناس ، الذي يصدقون أي منتج يتم تسويقه
على أنه يطيل العمر ويقي من الأمراض ، إلا أنه ، وبحسب العلماء ، يثبت أن المعتقدات
السائدة حول مادة معينة تستمر لفترة طويلة بعد أن يثبت عدم فعاليتها بالدليل حول ذلك ،
يقول جون إيونيداس ، الأستاذ في جامعة ستانفورد الأمريكية :
" للأسف ، هذا أمر شائع " ، مضيفاً أن البحث الذي قام به يشير إلى وجود
عدة معتقدات خاطئة حول فيتامين " هـ " والإستروجين ومادة " بيتا كاروتين " وفوائدها للصحة ،
ويتابع الدكتور إيونيداس :
" ما وجدناه هو أن الأبحاث العلمية الأصلية يستمر اقتباسها حتى بعد مرور فترة طويلة
من إثبات عدم صحتها ، ولكن هذه المعتقدات نادراً ما تختفي " .
وبالعودة إلى مادة " أوميغا 3 " الموجودة في زيت السمك ، فإن النزاع العلمي حولها جزء
من نقاش تاريخي ومعقد حول دور الدهون في الحمية الغذائية يعود تاريخه إلى عام 1977 .
ولكن نظرة مقربة على زيت السمك توضح كيف قامت السلطات الطبية بتوصية المواطنين
بتناوله رغم تضارب الأدلة حول فوائده ، ومن ثم استمرت على توصياتها حتى
بعد رفض الأدلة التي تدعم الأثر الإيجابي على الصحة .
فعلى سبيل المثال ، أوصت جمعية أطباء القلب الأمريكيين بعض من يعانون من أمراض القلب
" بإمكانية الحديث مع طبيبهم حول تناول مكملات " أوميغا 3 " .
ولكن عندما طُلب من الجمعية تفسير سبب هذه التوصية ، قال الخبير الذي نشر هذه التوصية ،
وهو رئيس الجمعية السابق الدكتور روبرت إيكل ، إنها بحاجة إلى مراجعة . وأضاف إيكل :
" لقد حان الوقت كي يتم تحديث هذه التوصية ، أغلب الدراسات ، إن لم يكن كلها حول
مكملات زيت السمك لا تظهر فاعلية ، أعتقد فعلاً أن هذا الأمر يبقى غير مثبت " .
ولكن كيف وصل زيت السمك إلى هذه المرتبة أصلاً ؟
تبدأ القصة بعد اكتشاف العالمين الدانماركيين هانز أولاف بانغ ويورن دايربرغ زيت السمك
خلال زيارة إلى قرية تقطنها قبائل الإنويت ( الإسكيمو ) في شمال جزيرة غرينلاند
خلال سبعينيات القرن الماضي ، إذ لاحظ العالمان أن غذاء سكان القرية يتكون
في أغلبه من الحيتان والفقمات والسمك ، وبحسب التفكير النمطي ، فإن هذه الحمية الغنية
بالدهون الحيوانية تزيد من احتمال الإصابة بأمراض القلب ، إلا أن بانغ ودايربرغ لاحظا العكس ،
أي انخفاض نسبة الإصابة بأمراض القلب لدى سكان القرية . وبعد تحليل دم
نحو 130 شخصاً من سكان هذه القرية ، أظهرت النتائج نسباً منخفضة
من الكولسترول والترايغليسيرايد ، وهي المادتان المسؤولتان بشكل رئيسي عن أمراض القلب ،
ما دفعهما إلى طرح نظرية ارتباط نسبة أمراض القلب المنخفضة بحمية سكان
القرية الغنية بمادة " أوميغا 3 " .
~ منقول للفائــدة ~