القديس يوحنا المعمدان
"لم يظهر في اولاد النساء أكبر من يوحنا المعمدان... وأقول لكم انه افضل من نبي, فهذا الذي كتب عنه: هاءنذا أُرسل رسولي قدامك ليُعد الطريق امامك" (متى 11: 9- 11) هكذا عرَّف يسوع عن يوحنا.
ولد يوحنا من ابوين بارين هما زكريا الكاهن وامرأته اليصابات (لوقا 1: 5). كلاهما كانا طاعنين في السن ولم يكن لهما ولد وكانت اليصابات عاقرا (لوقا 1: 7). وفي احد الايام بينما كان زكريا يقوم بالخدمة الكهنوتية ظهرعليه ملاك الرب وبشّره بأن اليصابات ستلد ابنا وسيدعى اسمه يوحنا، وسيكون عظيما امام الرب... يمتلىء من الروح القدس وهو في بطن امه، ويردّ كثيرين من بني اسرائيل الى الرب الههم، ويسير امامه وفيه روح ايليا وقوته... ويهدي العصاة الى حكمة الابرار فيعد للرب شعبا متأهبا (لوقا 1: 13 – 18).
تعجب زكريا وطلب من الملاك ان يعطيه آية (لوقا 1: 18)، فأجابه الملاك:" انا جبرائيل القائم لدى الله, أُرسلت اليك لأُكلمك وأُبشرك بهذه الامور وستصاب بالخرس, فلا تستطيع الكلام الى اليوم يحدث ذلك لانك لم تؤمن بأقوالي وهي ستتم في أوانها" (لوقا 1: 19 – 20). تم ما قاله الملاك, وخرج زكريا من الهيكل فلم يستطع ان يتكلم (لوقا 1: 22), وحملت اليصبات (لوقا 1: 24). وبعد ستة اشهر اتت الى اليصابات نسيبتها مريم – ام يسوع – ودخلت بيت زكريا وسلمت على اليصابات, فلما سمعت سلامها ارتكض الجنين في بطنها ومتلأت من الروح القدس فهتفت بأعلى صوتها "مباركة انت في النساء ومباركة ثمرة بطنك... فما ان وقع صوت سلامك في اذنيّ حتى ارتكض الجنين ابتهاجا في بطني" (لوقا 1: 39 – 44).
وفي اليوم الثامن بعض ولادة الصبي دعي يوحنا (لوقا 1: 57 – 63), كما قال الملاك (لوقا 1: 13). وكان الطفل يترعرع وتشتد روحه واقام في البراري الى يوم ظهور امره لاسرائيل (لوقا 1: 80). وكان لباس يوحنا من وبر الابل وحول وسطه زنار من جلد وكان طعامه الجراد والعسل البري (متى 3: 4)
في السنة الخامسة عشرة من حكم القيصر طيباريوس (حوالي سنة 29م) (لوقا 3: 1), كانت كلمة الرب الى يوحنا لينادي بمعمودية التوبة ومغفرة الخطايا (لوقا 3: 2-3) واقتراب ملكوت السموات (متى 3: 2). وكانت الجموع تأتي اليه من اورشليم وجميع اليهودية وناحية الاردن, فيعتمدون عن يده في نهر الاردن معترفين بخطاياهم (متى 3: 5-6). أتى اليه بعض الكتبة يسالونه: من انت؟، فأجاب: "انا صوت صارخ في البرية اعدّوا طريق الرب واجعلوا سبله قويمة" (يوحنا 1: 19-23), " انا اعمدكم في الماء من اجل التوبة، واما الذي يأتي بعدي فهو اقوى مني من لست أهلا لان أنحني فأفك رباط حذائه " (متى 3: 11).
في ذلك الوقت أتى يسوع من الجليل الى الاردن ليعتمد على يد يوحنا, وبينما هو خارج من الماء رأى يوحنا السموات تنشقّ والروح ينزل عليه كأنه حمامة (مرقس 1: 9- 10), فقال يوحنا:"هذا حمل الله الذي يرفع خطيئة العالم...انا لم اكن اعرفه, ولكني ما جئت أُعمد في الماء الا لكي يظهر أمره لاسرائيل... والذي ارسلني أُعمد في الماء هو قال لي: إن الذي ترى الروح ينزل فيستقر عليه، هو ذاك الذي يُعمد في الروح القدس. وانا رأيت وشهدت انه هو ابن الله " (يوحنا 1: 29- 34).
كان يوحنا يوبخ هيرودس انتيباس رئيس الربع (حاكم الجليل) الذي اتخذ امرأة اخيه هيروديا مخالفا بذلك الشريعة, وكان يوحنا يقول لهيرودس "لا يحل لك ان تأخذ امرأة اخيك" (مرقس 6: 18). وبسبب ذلك امر هيرودس بسجن يوحنا (لوقا 3: 20), وأرادت هيروديا ان تقتل يوحنا لكنها لم تستطع (مرقس 6: 19).ولما احتفل هيرودس بذكرى مولده رقصت سالومة ابنة هيروديا في الحفل, فاعجبت هيرودس، فأقسم لها انه يعطيها كل ما تطلب. فسألت امها، فأشارت عليها بأن تطلب رأس يوحنا. فأرسل هيرودس حاجبا فقطع رأس يوحنا وأُتي بالرأس على طبق فأعطاه للصبية والصبية اعطته لامها. وبلغ الخبر الى تلاميذ يوحنا، فجاؤوا وحملوا جثمانه ووضعوه في القبر (6: 17- 29).
تعيد له الكنيسة المقدسة اربع مرات في السنة: 23 ايلول تذكار الحبل به, 7 كانون الثاني تذكار جامع له بعد عيد الظهور، 24 حزيران تذكار ميلاده, 29 آب تذكار قطع رأسه.