الجنزوري.. قائد الفلول

صلاح بديوي
الجنزوري.. قائد الفلول

الثلاثاء: 06 ديسمبر 2011

العبد لله قرر علي المستوي
الشخصي الوقوف ضد الجنزوري وحكومته طالما ظل هذا الرجل علي رأس السلطة؛ لأن
خياراته تشير بوضوح إلي أنه مجرد أداة في أيدي فلول نظام المتنحي حسني
مبارك في المجلس الأعلى للقوات المسلحة وغيره من أجهزة الحكم بوطننا.


والعبد لله لا يعبد أصناما، ولن يعبد أصنام، ولن يخون قلمه إطلاقا، ولايريد من هذه الحياة إلا الصحة الستر ومرضاة الله.


قراري هذا يجيء بعد أن استعرضت
من رشحوهم للجنزوري وزراء، في حكومته التي من المتوقع أن تؤدي اليمين
القانونية أمام رئيس المجلس العسكري خلال ساعات.


والعبد لله هنا لن يستعرض أسماء
الوزراء ومن هم، وكيف أن معظمهم فلول النظام السابق، ويدينون بالولاء
للرئيس المتنحي حسني مبارك، ويرتبط غالبيتهم بعلاقات وثيقة بدوائر خارجية.


لكنني سأتوقف عند أحد هؤلاء
الوزراء، وسأقوم باستعراض سجله، فهذا الدكتور سعد نصار، المرشح لمنصب وزير
الزراعة، صاحب سجل غير مشرف علي الإطلاق لمصر ناهيك عن ثورتها، لكون هذا
الرجل كان من أبرز الوجوه التي عملت بمجالات التطبيع مع تل أبيب، وشارك
يوسف والي- الموجود في السجن الآن- في تدمير زراعة مصر، وإدخال مستلزمات
الأنتاج الزراعية "الإسرائيلية" المدمرة للبيئة وصحة الإنسان والحيوان.


وفي أواخر سنوات تواجد د.يوسف
والي علي رأس وزارة الزراعة والحزب الوطني، عين د.سعد نصار محافظاً للفيوم،
وفور تعيينه، قام برد الجميل لوالي، وأطلق علي مركز ابشواي، الذي ينتمي
إليه يوسف والي، أسم "يوسف الصديق"، ولا نعرف هل الاسم تيمنًا باسم أهم
أنبياء بني "إسرائيل" سيدنا يوسف بن يعقوب عليهما السلام، أم تكريمًا ليوسف
والي، بعد خروجه مهانًا من الوزارة والحزب، إثر خلافات مع نجل حسني مبارك
الأصغر "جمال".


وهنا أعود بكم إلي منتصف
تسعينات القرن الماضي، وقت أن كنت مندوًبا لصحيفة "الشعب" الغراء، التي
تشرفت بالعمل فيها حتي مصادرتها عام 2005م، ووقتها صدر لي كتاب، قدمه
الراحل العظيم الكاتب الصحفي كامل زهيري نقيب الصحفيين السابق، ووصفه بأنه
عريضة اتهام ضد يوسف والي والتطبيع، هذا الكتاب كان يحمل عنوان "الاختراق
الأسرائيلي للزراعة في مصر"، ويبدو أن المعلومات والوثائق- التي يحتويها
هذا الكتاب صغير الحجم- أوجعت يوسف والي، فأرسل لي مدير العلاقات العامة
بالوزارة والمقرب إلى قلبه فتحي السحيلي- متعه الله بالصحة- لأقابله في
مكتبه، وبالفعل ذهبت إليه، فوجدته يجلس في جو غريب.


كان دكتور يوسف والي يجلس في
مكتبه بالمقر الرئيسي للوزارة بالدقي، علي كرسي لايكاد يعلو عن الأرض إلا
قليلا، في ظل نور هادي للغاية، ويغلق شبابيك الغرفة، التي يتخذها مكتبًا
له، رحب بي الرجل، وطلب لي قهوة علي ما أتذكر، ونظر إليّ قائلا: "التطبيع
مع "إسرائيل" سياسات نظام ودولة، والاسرائيليون يكنون لي مودة خاصة،
ويقدمون لي تقنيات زراعية، لن يمنحونها لأي مسئول مصري آخر، ومن تتهمهم
بأنهم رجال تطبيع، ويخربون زراعة مصر، ليسوا كذلك، إنما يتعاملون مع
"الإسرائيليين" من أجل مصلحة مصر، مؤكدا لنا أن الأمريكان يتعاملون معنا
بمصر كالخيول، عندما تكبر يضربونها بالرصاص".


إلى هنا انتهى كلام يوسف والي، وانتهي اللقاء، بعد أن طلب مني الوزير أن ألجأ إلي مكتبه إن احتجت إلى المعلومات الصحيحة.


وصمت د.يوسف والي معتقدًا أن
الرسالة وصلتني، وأنني ساكون مثل كل الصحفيين، استمتع برحلات الوزارة،
ومساحات من أراضيها، وإعلاناتها، وأتغاضى عما يحدث ضد أهلنا بمصر وأمننا
القومي .


وإمعانا في استعراض قوته، أمر
دكتور يوسف والي، مدير مكتبه، أن يدخل زواره إليه، وأنا جالس إلى جواره،
وأتذكر وقتها كان ممن مثلوا بين أيدي د.يوسف والي، الدكتور سعد نصار، الذي
اختاروه للجنزوري الآن مرشحًا لوزارة الزراعة، والذي ظل واقفًا انتباه أمام
الوزير كغيره ممن سبقوه وقال له بالنص: "سيادة النائب، كانت زيارتنا
لـ"إسرائيل" مفيدة للغاية، زرنا حقول القطن بالنقب، واطلعنا علي تجربة
مكافحة الآفات الإسرائيلية، بدون مبيدات، واطلعنا علي إنتاجية الفدان
عندهم، والتي تفوقوا من خلالها علي إنتاجية القطن المصري .


ومن أخطر أقوال دكتور سعد نصار
وقتها ليوسف والي : "اتفقت مع صومائيل بوهريز - مدير وزارة الزراعة
الاسرائيلية- علي مشروع مشترك لمافحة الآفات".


وقال سعد نصار عن بوهريز : "نظر
لي وقال بتركيز: نحن سنضغط من خلال اللوبي الصهيوني بواشنطن لتمويل
المشروع، وانتم اضغطوا من خلال أنصار السلام بحكومة مصر، من أجل إخراج
المشروع إلي حيز الوجود".


ساعتها قلت لنائب رئيس الوزراء: معقولة يادكتور، فيه لوبي صهيوني مؤيد لـ"إسرائيل" بالوزارة المصرية.


فابتسم بخبث ولم يعقب، بيد أنه كان سعيدا، لأن "الرسالة وصلت".


وخلاصة القول، أن الدكتور سعد
نصار ظل أعواما طويلة، مديرًا للعلاقات الزراعية الخارجية بالوزارة، ومن
خلال موقعه، شارك في توقيع عشرات الاتفاقات مع "إسرائيل"، كما شارك في كل
اجتماعات اللجنة الزراعية المصرية الإسرائيلية العليا، وحرص على أن يطلق
علي قرى الخريجيين، أسماء أنبياء بني إسرائيل، وسافر الي "إسرائيل" أكثر من
عشرين مرة خلال 22عاما.


المدهش بعد كل هذا التاريخ أن
أجهزتنا، التي ساهمت في تدمير مصر، وقتلت الأمن القومي، بعد أن باتت
كالدببة التي تقتل أصحابها، تواصل نهجها، وبدلا من تطهير وزارة الزراعة من
مستشار مثل سعد نصار تعدي السبعين عاما، يكرمونه ويختارونه وزيرًا في حكومة
ثورة قامت- أصلا- لاستئصال الوجود الصهيوني بمصر، واستئصال سعد نصار، ومن
علي شاكلته، وإنهاء هذا التطبيع الذي لم تجنِ مصر منه سوى الخراب.


وربما ما سبق يفسر لنا لماذا
سيقدمون يوسف والي للمحاكمة بسبب منحه حتة أرض لحسين سالم بالبياضية في
الأقصر، ويتجاهلون جريمة سرطنة المصريين، على الرغم من أن التحقيقات أكدت
ثبات ارتكاب يوسف والي لتلك الجريمة.


الخلاصة، أن تلك الكائنات الحية
تعمل لصالح تل أبيب، وعلي القوي الثورية الإسلامية قبيل أية قوى أخرى- أن
تتحرك لإبعاد من يديرون وطننا الآن عن السلطة، وعن مواقعهم بكافة مؤسسات
الوطن، لأننا لم نقم بثورة لنسلمها لرجال احترفوا خيانة الوطن والعقيدة،
وعلي قواتنا المسلحة أن تتحرك لتطهر صفوفها إن كانت بالفعل تؤمن بأن مصر
قامت فيها ثورة.


ونقول لقادتها: إن تحريك فلول
الحزب الوطني في تظاهرات بالعباسية، لن يرهب ثوار مصر، وإننا بتنا على
قناعة بأنه لا فائدة ترجى من وراء حكام مصر الحاليين، وعلي الصغار الذين
يتطاولون على من هم أكبر منهم في كل شيء، أن يخرسوا ويصمتوا ويتحولوا إلى
آذان، ومن اليوم سأنحاز على المستوى الشخصي تماما لضمير أهلنا ووطننا.




محيط